القدرة التنظيمية لمنظمات المجتمع المدني (أ.سالم المعداني)
هناك فجوة كبيرة بين القدرات التنظيمية لمنظمات المجتمع المدني المتواجدة في كل من المدن طرابلس وبنغازي ومصراته وسبها بشكل أقل وبين منظمات المجتمع المدني في باقي المدن والمناطق الليبية كون أن الجهات الداعمة الدولية والمحلية متواجدة في هذه المدن الأربعة بشكل مكثف، وهذا يجعلها تملك امكانيات أكبر للوصول إلى متطوعين مؤهلين، ولديها فرص للتعاون مع عدد أكير من المنظمات، حيث أجرت المفوضية مسح للمنظمات النشطة والتي لديها تواجد ملحوظ على الساحة ، حيث أتضح أن 70% من هذه المنظمات متواجدة في المدن الأربعة المذكورة، بالإضافة 99% من المنظمات الدولية.
تتفاوت الجهود المبذولة من منظمات المجتمع المدني في بناء العلاقات على الصعيد المحلي طبقًا للمجالات التي تعمل بها. حيث تمتلك منظمات المجتمع المدني المركزة على العمل الخيري فرص أوسع في الحصول على داعمين محليين ، لطبيعة المجتمع الليبي وتزايد احتياجات المعيشية للمواطنين نتيجة الوضع الاقتصادي والأمني للبلاد وكون المجال الخيري يمثل أعلى نسبة من حيث عدد المنظمات المنخرطة به والتي تمثل 14.1% من العدد الكلي للمنظمات المسجلة لدى المفوضية، بينما لا تزال منظمات المجتمع المدني المعنية بالتوعية والحقوق تعاني من نقص في الدعم ، وعدم قدرتها على العمل على مستوى الدولة لحساسية نشاطها الحقوقي.
أن نقص الموارد المالية لمنظمات المجتمع المدني في ليبيا يقيّد قدراتها على توظيف الموظفين وتحديث الأجهزة والمعدات ودفع الإيجارات حيث وجد أن 89% من عدد (620) منظمة غير قادرة على توفير قيم مالية لتغطية إيجار مقارها وهي تعتمد بشكل أساسي على الاستضافة من الجهات العامة والقطاع الخاص أو تمارس نشاطها من داخل منازل مؤسسيها، أو بالاعتماد على المنظمات القادرة على توفير إيجار لمقارها والتي نسبتها 11% من أجمالي منظمات المجتمع المدني في ليبيا.
كما تمتلك منظمات المجتمع المدني هياكل إدارية محددة، بما في ذلك تقسيم معترف به للمسؤوليات بين مجلس الإدارة والموظفين ،ولكن في الكثير من الأحيان لا يتم التقيد بهذه التقسيمات حيث تكون إدارة المنظمة مختصرة على شخص أو شخصين والذين يشاركون بشكل أساسي في كل نشاطات المنظمة ولا يسمح في أغلب الأحيان للمتطوعين بالمشاركة في القرارات المصيرية.
أن أغلب المنظمات التي تقوم بالتسجيل لدى المفوضية لديها نظام أساسي متشابه بالرغم من اختلاف مجالات عملها فهي تقوم باعتماد النظام الأساسي الاسترشادي الذي أعد من قبل المفوضية لغرض إرشاد المنظمات للمعايير الدولية لإعداد النظم الأساسية مع إجراء بعض التعديلات البسيطة عليه.
لا تمتلك منظمات المجتمع المدني خطط استراتيجية محددة بوضوح وأساليب تخطيط استراتيجي للشراكات في عمليات صنع القرار حيث صرح 75% من المنظمات أنهم لا يملكون خطة استراتيجية بالرغم أن العديد من الجهات المانحة عملت على تحسين التخطيط الاستراتيجي. لمنظمات المجتمع المدني.
ومع ذلك، فإن نفس المانحين الدوليين يغيرون من أولوياتهم التمويلية لعكس أجنداتهم المحددة، مما يدفع منظمات المجتمع المدني إلى الحيد عن أهدافهم الاستراتيجية والعمل في مجالات مختلفة للوصول إلى التمويل.
كما يختصر دور الجمعية العمومية داخل منظمات المجتمع المدني في انتخاب أو اختيار مجالس الإدارة وغياب شبه كامل لدورها الرقابي ، كما لا تمنح أغلب المنظمات المتطوعين حق المشاركة في اتخاذ القرارات الهامة داخل المنظمة.
تفتقد منظمات المجتمع المدني إلى المحاسبة والشفافية، ولا تعرض تقاريرها المالية أو تعلن عن مصادر تمويلها للرأي العام ، والمنظمات التي صرحت للمفوضية عن مصادر تمويلها تمثل 2.16% من العدد الكلي لمنظمات المجتمع المدني في ليبيا.
اترك تعليقاً